إزاي أبطل الذنب نهائيًا في خطوات عملية
سؤال : ابتليت بذنب، كاره نفسي بسببه، لدرجة إني بتوب وبترجع نفسي تغلبني عليه، بحاول أقرب من ربنا بس حاسس إنه مش راضي عني!! أعمل إيه؟!
------------------------------------------------
بسم الله، والحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله،
أولاً: "ذنب كاره نفسي بسببه" الإحساس دا صحي جدا ويجب استثماره بشكل سليم، وخلي بالك في خيط رفيع ما بين اني اتصالح مع نفسي عشان أقدر أصلحها، وبين اني اتصالح مع الذنب ولا أشعر بعده بتأنيب الضمير والندم بعد الذنب!
ربنا سبحانه وتعالى وصف المتقين وصف عجيب جدًا
قال الله تعالي : " والَّذين إذا فعلواْ فاحِشةً أو ظَلموا أنفُسَهُم ذَكروُاْ الله فاسْتَغفَرواْ لذنوبهِم" إلي اخر الآية
أيوة في سورة آل عمران في وصف المتقين ..
اللي ربنا وعدهم بجنة عرضها كعرض السماوات والأرض ..
هتقولي إزاي ربنا هيوصف المتقين بأنهم ممكن يعملوا فاحشة!!؟
ببساطه ربنا خلقنا بشر نصيب ونخطئ، وفكره انك تبقى عارف ان لك رب يؤاخذ بالذنب دا فترجع بسرعة دا كفيل انه يحطك في دائرة المتقين ..
"ذَكروُاْ الله فاسْتَغفَرواْ لذنوبهِم ومَن يغْفِر الذنُوب إلا الله " !
لما وقعوا في الذنب لم ييأسوا من رحمة الله .. افتكروا بسرعة
الشاهد هنا بقي واللي خلاهم يستحقوا الوصف بالمتقين أنهم "ولَم يُصِّروُاْ على ما فعلواْ وهُم يَعلمَوُن" ..
إحساسهم بالندم كان دافع كبير أنهم مايكملوش ويرجعوا بسرعة لربنا .. مش العكس .. زي ما قال نبينا صلّّى الله عليه وسلم - الندم توبة - !
وفي الحديث القدسي الطويل "أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي، فليفعل ما شاء".
- والإصرار مش إن الإنسان يرجع يزِل تاني بعد ما تاب، الإصرار يعني انك أصلًا لا تتوب من الذنب دا وشايف إنه مش ذنب أصلًا.
-- طب إيه الحل النهائي .. أنا تعبت وكل ما أتوب أرجع تاني رغم إني حسيت بالندم وكل الكلام دا بس بقع تاني لدرجة اني كرهت نفسي وحسيت انه مستحيل!
- خليني أقولك على معنى لو أدركته هتعرف إن التوبة النصوح .. التوبة النهائية من الذنب مش صعبة ولا مستحيلة.
الأول بس تعالى نتدبر الآية دي ، يقول ربنا تعالى في سورة المائدة :
"فمن تابَ من بعد ظلمِه وأصلَح فإنَّ الله يَتُوبُ عليه إنَّ الله غفورٌ رَّحيم"
طيب خلينا نفتكر كدا إن شروط التوبة الندم على فعل الذنب ، والإقلاع عنه، والعزم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى
--بس كدا؟!
لا في شرط رابع الآية دلت عليه: "وأصلح"!
الإصلاح لازم يكون بإتخاذ خطوات وخطط وأهداف .. فيكون عزمك قولًا وفِعلًا وسعيًا ..
لحظة بس .. اوعى تقول "إنت مكبر الموضوع كدا ليه ما هو ذنب عادي وبنتوب منه وركعتين توبة وإستغفار وخلاص"
قال النبي صلى الله عليه وسلم "إياكُم ومحقرات الذنوب فإنها تجتمع على العبد حتى تهلكه"
عن أنس رضي الله عنه قال إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشَعر إن كُنا لَنعُدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبِقات - يعني المُهلِكات -
لذلك بقولك دا شعور صحي انك تحس بحرقة وتأنيب ضمير بعد الذنب،إوعى تبالغ فيه ولا تقتله !
- استثمره واعترف بينك وبين نفسك بحجم الذنب وكرِّههُ إلى نفسك،
حاوِر/ي نفسك -كما كان يفعل السلف- وتخيل/ي أن هذا الذنب داع يسحبك من يديك إلى النار .. وكل ما تدعوك نفسك لمعصية وتلح عليك "قُل أذَلِك خيرٌ أم جنة الخلد التي وُعِد المُتَّقون"
وكأن الذنب دا حائل يحول بينك وبين الجنة ..
هذا الحوار كفيل بأن يحول قلبك بعد ما كان مُقبل على المعصية إلى مُدبر وفار وهربان منها بإذن الله، استعن بالله.
- أنا طولت عليك بس بحاول أقولك ان الموضوع يتلخص في الإدراك!
ايوا الذنب إدمان .. والإدمان عبارة عن عادة ارتبطت عندك بهرمونات يفرزها الدماغ وهي المسئولة عن سعادة الإنسان أو الشعور باللذة .. ولكن سرعان ما تتحول اللذة إلى ألم وندم.
فلو كرهت نفسك فيها واستبدلتها بعادات صحية إنت محتاجها عشان تكون إنسان أفضل لنفسك ولمن حولك، وحولت تسليتك وإستمتاعك بأشياء أخرى أكبر وأعظم وأنفع .. هتقدر تتخلص منها بإذن الله.
-نرجع تاني لـ " وأصلح " .. وخلينا ناخدها خطوات :
1 - اقضي على وقت فراغك، حاول/ي توجد لنفسك حاجة تشغلها من تعلم مهارة أو قراءة أو رياضة، المهم لا تترك/ي لنفسك الإختيار أبداً في أوقات الفراغ .. لأنه الميدان القاتل اللي بتبدأ منه كل الأفكار السلبية وبوادر الذنوب.
2 -زاحم/ي نفسك بصحبة صالحة، صحبة بتحفظ قرآن، او بتطلب علم شرعي.
3- تاااني.. كوِّن/ي عادات صحية، لعب رياضة بشكل يومي، قراءة حتى لو في روايات، المهم ما يكونش في وقت بلا تخطيط عشان دي المصيدة أو الميدان اللي هيجيلك منه الشيطان!
الأهم من كدا ان الإصلاح ياصديقي / أختي بيلعب الدور الأكبر في أوقات قوتك : أي في الفترة اللي انت بعيد فيها عن الذنب، فمهم جدًا :
4- تحصن نفسك من الخطوات اللي بتسبق الذنب اللي انت عارفها كويس .. وهي مثيرات الغريزة أو الشهوة عندك ..
وببساطة وأقولهالك بشكل مباشر : "غض البصر" هو السبب الرئيسي والأهم والمانع من وقوعك في الخطوة اللي بعدها..
ربنا سبحانه وتعالى يقول في سورة النور " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " .. حفظ الفرج نتيجة لغض البصر والعكس بالعكس .. كل ما تقع عينك على محرم كل ما تفتح في قلبك باب مُلِح جدًا للشهوة مش هيتسد إلا بالوقوع في الذنب،
يقول ابن القيم رحمه الله:
"النظر أصل عامة الحوادث التى تصيب الانسان ، فإن النظرة تولد خطرة ثم الخطرة تولد فكرة ثم الفكرة تولد شهوة ثم الشهوة تولد ارادة ،ثم تصبح فعلا وبتكرار هذا الفعل يصبح عادة."
لذلك اقطع الطريق من أوله..
5- خلي في حالة خاصة بينك وبين القرآن وقيام الليل وهتلاقيك تلقائياً بتبعد عن الذنب دا.
6- وإذا كان فوقعت بادر على طول بالتوبة فورًا ما تستناش وتقول هقف بين ايدين ربنا إزاي..! اقطع على الشيطان فرصته اللي مستنيها!
7- قرر إنك ف كل مرة هتقع في الذنب دا تعمل عبادة قصاده وليكن إنك تتصدق مثلاً .. وللصدقة سر عجيب في علاج دا ربنا سبحانه وتعالى بيقول "خُذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "الصدقة تطفئ غضب الرب" .
ودي هتخليك كل مرة أقرب في إنك تبطل وتبعدك بإذن الله عن الذنب غير إنها بإذن الله هتمحيه .. " إن الحسنات يذهبن السيئات " .. وقال صلى الله عليه وسلم " اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ".
8- كافئ نفسك كل ما انجزت أو واظبت على عادة جديدة من العادات اللي قلنا عليها زي ما هتعاقبها كل ما تعمل معصية وتحرمها .. وكأنها طفل بتربيه من جديد.
9- لو في مرة نفسك ألحت عليك أوي، حاول تستدعي في خيالك الناس اللي انت بتحترمهم وبيحترموك لو شافوك في الموقف دا هيكرهوك أد إيه .. ثم بالتدريج طب الناس أهل كلها بتغلط، تخيل الملائكة اللي ربنا وكلها لحفظك وحمايتك واللي معاك عشان يكتبوا أعمالك شايفينك وانت في المعصية دي إزاي .. ثم اصعد بالتدرج إلى أن تتذكر نظر الله إليك !
10- هكذا تعظَّم ربنا ف قلبك .. فكر نفسك دايماً باللقاء الموعود ووقوفك للحساب بين إيدين ربنا وسؤاله عن الخلوات ، وحاور نفسك حوارًا لطيفًا "قل أذَلِك خيرٌ أم جنَّة الخُلد التي وُعِدَ المُتقون" !
11- تاني وتالت وعاشر ، حاوط نفسك بالصحبة الصالحة واملا وقتك بيهم، وإن مكانش في حياتك ادعي ربنا يرزقك بيهم لانهم "رِزق".
12- وأخيراً وليس آخراً إياك تتخلى عن الدعاء .. ووالله ياصديقي لا سبيل لترك ما يبغضه الله إلا بالإستعانة بالله ..
قل له يارب اجعل ما تبغضه أبغض الأشياء إلى قلبي ..
يارب كره إلى قلبي الكفر والفسوق والعصيان، يارب طهر قلبي من كل خبث لا يرضيك .. أعني يارب أن أكون عبدًا لك كما تحب وترضى ..!
والله ستجد أن الله يدفعك إلى التوبة دفعًا ويهيأ لك الأسباب ما دُمت من قلبك صادقًا ولكن تذكر أن صدق النية والقلب وحده لا يكفي.
لا تيأس أبداً من التوبة مهما تكرر الذنب .. التوبة حق على الله إذا حققت شروطها بإذن الله ..
كن ياصديقي/ يا أختي على يقين من أنه "مَن صَدق في ترك شهوة؛ ذهب اللهُ بها من قلبه؛ والله أكرم مِن أن يُعذِّب قلبًا.. بشهوةٍ تُركَتْ له".
ومهما وقعت فقم وحاول .. لأن يأتيك الموت وأنت تحاول التوبة أفضل من أن يأتيك وأنت مُذنب ..!
ملحوظة: الشيطان لا يريد منك الذنب أصلًا ولا عايزك تزني ولا تسرق ولا تقتل.. هو عايز حاجة واحدة بس وهي الشرك .. هيوصلك ليها إزاي؟ بإنك تيأس من التوبة وتقنط من رحمة الله، فمهما وقعت ما تديلوش الفرصة وما تيأسش.
رزقنا الله وإياكم قبل الموت توبة وعند الموت شهادة وبعد الموت جنةً ونعيمًا
تعليقات